قصة قصيرة / الحب.. أقوى من الأرق
بيداء كريم
25/11/2009
ها هو قد جاء كعادته متأخراً في الساعة العاشرة والنصف صباحاً .. يتمايل في مشيته، متثاقلاً في خطواته..منتفخ العينين يشكو من طول سهره وقلة نومه.. إلا انه يحاول ان يغرق في عالمه الوحيد القراءة عالم مليء بالغرائب والعجائب.. والحكم والمشورات.
إنه يفكر .. دقت الساعة الثالثة صباحاً يحاول ان يشرح لي وضعه ليلاً وكيف يمضيه..إنهُ يشرح لي أدق التفاصيل .
صباح الخير.. صباح الخير
كيف الحال.. ألم تنم مطلقاً كعادتك ؟
بالطبع لا.. أنتِ تعرفين جيداً أولم أشرح لك ذلك البارحة.
أم تودين أن اعيد عليك برنامجي الليلي الممل والممتع في ذات الوقت.
كلا، اسفة
ولكنني قلقة عليك..
قطع حديثه.. واتجه صوب المطبخ ليصُب الشاي كعادته.. او ليطلب من الحاجة"ام محمد " ان تصب لهُ الشاي..إنني انتظر مازلتُ انتظر
لم ابرح مكاني.. لعله يريدُ ان يزيد في شرحهِ.. وانا بين الخوف والخجل.
الخوف من رب العمل لئلا يجدني اقفُ كالمسمار في خشب.. وخجلي من ان يهملني هو .. ويمر مر الكرام ويجلس في ركنه البعيد..
مدققاً في عمله.. متناسياً مايدور حوله.
قلبي يتسارع في دقاته.. اشعر ان جميع من حولي يعرفون حقيقة ما اشعر به وما احسُ به تجاه ذلك الرجل المتكبر..
تفضل ايها العزيز.. شايك
قالتها"ام محمد ".
شكراً لك .. يا امي العزيزة
بارك الله فيك. واسعدك في ايامك يابني..
اخذت بثول الشاي تتحرك بصورة دائرية متناثرة معها السكر بصورة عشوائية وكأن زوبعة صحراوية يحتويها قدح الشاي.. آكلة معها كل ما تجدهُ في طريقها.. وقلبي قريب ويدق بسرعة كبيرة..
أشعل سيكارة وأخذ قدحهُ الثاني..
ليجلس في مكانه متصفحاً تلك الجرائد.. ليقلب صفحاتها.. يفعل ذلك عبثاً ليغيظ قلبي المنتظر..
إنني مازلت انتظر..!
سيكلمني سيحاول ان يبدأ اشعال فتيل الحديث بيني وبينه.
انه يفكر فيّ قطعاً.. إلا انه يتجاهلني
اخذ نفساً عميقاً من دخان سيكارته
وأطلقه بكل حسرة في الهواء
إنهُ مثقلٌ بالهموم.. ضحكات مصطنعة .. ممزوجة بالألم
لااستطيع فهم ذلك الرجل.
هذه طقوس وممارسات يومية يؤديها قبل عمله..
بتُ أتذمر من الانتظار..
والتبجح بحجج وهمية.. كأن عملي في هذه الغرفة وليس في الاخرى..
أدير وجهي هنا وهناك لئلا تفضحني ملامحي التي ترسمها دقات قلبي المضطربة..
كيف اجد السبيل الى قلبهِ واعرف ما الذي يفكر فيه؟
أصبحتُ اجيد افتعال الكذب.
جمانة .. ماذا تفعلين عندكِ؟
أرتبكت كثيراً.. بقيتُ أتمتم بوضوح
خجلاً وفزعاً .. فقد فاجأني بالسؤال والاستفسار..
في الحقيقة ياحسن إنني أبحث هنا عن أوراق مفقودة ترجع لأحد الكتاب.. وانا اجهل مكانها .. الا انه لم يبال .. إنهُ غارق في قراءة الجريدة.. ورمادُ السيكارة .. بدأ أكثر طولاً.
حاولت أنا بدء الحديث معه متذرعة بحجج واهية ..
صحيح.. لم تكمل لي معركتك مع الأرق.
من الرابح.. ومن الخسران..
أية معركة؟
سألني بتجاهل.. وتقاطيع وجهه لاتدلُ على تقبل بدء الحديث..
رجعتُ خطوتين الى الوراء.. وحاولتُ ان أنسيه السؤال .. رحتُ أبحثُ مجدداً بين تلك الأوراق والأكوام عن أوراقي المفقودة.. بيدين مرتجفتين وساقين لايقويان على حملي..
إنهُ يُظهر تكاسله بوضوح..
مع ذلك يقفُ للحظةٍ .. ثم يسيرُ باستقامة معهودة..
إنهُ دائم التفكير ..
كيف اجعلهُ يدير تلك الطاولة نحوي..لأجعل دفة المسير بيدي..
وأرحل بعيداً أنا وهو في وسط البحر أغرقهُ في بحر حناني.. واشتياقي لضمهِ يومياً كضم طفل لوالدته الحنون.
إنهُ لايحسُ بي بتاتاً.. مشغول دوماً بعمله وشايه وسيكارته الواحدة تلو الاخرى.
والدخان المتصاعد الذي يلفُ ارجاء الغرفة ليخترق أنفي ويخنقني بالدخان والحسرة.
إنني فعلاً أحبهُ..
لكنهُ لايكترث أبداً..!
مر الوقت بسرعة كبيرة.. باتت لي نهاية الدوام نهاية العمر..
كيف سأنتظر.. وأصبر نفسي لقضاء الليلة والاستعداد للقائه غداً..
إنهُ سيسلم نفسه بسهولة مرة اخرى لتلك الظلمة وما تحمله من أوجاع وتفكير طويل..
إنني أشعر ببرد شديد فتحتُ الستارة.. وإذا بقطرات المطر على زجاج النافذة..
إنهُ المطر ينهمر بغزارة والساعة الآن الثامنة مساءً..
بدأ الزملاء يتراكضون للذهاب الى منازلهم..
وأنا في حيرة من أمري.. كيف سأنصرف وأذهب الى المنزل في هذا الوقت المحرج.. وذلك الجو الرديء؟
أأطلب منهُ ان يوصلني؟
ربما يرفض.. او يتردد. او يعتذر.. لاأعرف.
وحيائي يمنعني..
لكن الموقف أحرجني.. وقبضني من معصمي.
لابد من الاستسلام للقدر..
اقنعتُ نفسي بقولي.. ربما القدر قد فعل فعلتهُ معي..
وهو الآن على موعد معه ومعي لكي نتقابل ونجد اكثر مساحة من الوقت لنتكلم ونتحادث سوياً بعيداً
عن أعين الرقباء.
ربما يكترث لي خارج العمل..
وربما ينظر إليّ .. نظرة ملؤها الأمل بدأت خطواتي بالتردد
تتقدم خطوة..وتتراجع خطوات..
عقارب الساعة تتسارع في الدوران.. وهو يهيء نفسه للخروج والذهاب الى المنزل حتى إنهُ لم يكلف نفسه ليسألني كيف سأذهب؟
لايهمهُ الامر..
خرجتُ من غرفتي.. وكلي أضطراب
نزلتُ برفق وببطء من الطابق العلوي..
وبينما انزلُ برفق أسمعُ صوت المفاتيح..
إنها مفاتيحهُ.. سوف يُعجل بالذهاب
لابدّ من اللجوء اليه.. وطلب المساعدة.
شجعتُ نفسي.. وذهبتُ إليه مستنجدة..
آه.. عفواً.. أخ حسن.
نعم تفضلي ياجمانة ماذا تريدين ؟
وكأنه يتجاهل ان الطقس سيء
وكأن الجو مشرق.. والشمس ماتزال لم تبرح سماءها.
إنهُ لايُتعب نفسه..
في الحقيقة انا محرجة.. واريد ان اطلب منك خدمة صغيرة؟
بكل سرور.. تفضلي
أجابني ببرود
إلا ان حدقات عينيه كان يشوبهما القلق..
إنهُ هاجس في نفسي اكيد
لأنه لايكترث .. مستحيل
أنا في مأزق، فمنزلي بعيد ويصعب عليّ الرجوع اليه في هذه الساعة.. وهذا الجو الممطر..
فالخوف يعتريني من تلك الظلمة.
في الوهلة الاولى نظرّ إليّ نظرة تعجب واستغراب!
إلا انه سارع نفسه.. وقال لي.. بكل تأكيد..
هيا جهزي نفسك ياجمانة
لم اصدق.. فسارعت في حمل أغراضي..
خرجنا سوية.. متعثرة في خطواتي
وهو متثاقل.. ومتكبر في مشيته
إنهُ يحبني اكيد.. وإلا لماذا وافق على طلبي؟
هواجس تراودني وعبارات يخترعها العقل الباطن
فتحتُ باب السيارة.. وأنا كلي رعشة.. وصعدتُ بينما احدث نفسي واشجعها على المقاومة أمامه.
فأنا احبه.. ولا اقاوم الجلوس بالقرب منه
فتح باب السيارة.. ودخل
أدخل المفتاح في مكانه..
وأدار المحرك.
أكاد اسمع دقات قلبي
ترتجف وتتسارع..
اخشى ان يسمعها وينفضح امري
لااريد ان ابدي نقطة ضعفي
بدأنا المسير في السيارة
ماذا تحبين سماعه في هذه اللحظة؟
سألني
الموسيقى الهادئة
آه.. ذوقك جميل.. لم اتصورك كذلك
وهل كنت تشك في ذوقي
بصراحة.. نعم.
فأنت في برعم شبابك
والبراعم تبحث عن الطرب
لا عن الاستماع والتذوق والغرق.. فالموسيقى غرق!
والذين يناهزون الأربعين من العمر مثلي
يحبون الغرق..
اوشكنا على الوصول
شكراً على توصيلتك لي..
على الرحب والسعة
مع السلامة
مع السلامة
تكرر القدر اكثر من مرة
اصبح لزاماً عليه ان يوصلني الى منزلي
باتت مناقشاتنا جميلة وتدور بشأن كل شيء
حربٌ وسياسة.. وحب ورومانسية
وذات مرة.. قال لي
هيا ياجمانة هل انتِ جاهزة للذهاب والعودة الى المنزل
بالطبع
قلتها باستغراب.. واستدركتُ دهشتي فسألته
قل لي ياحسن..كيف حالك أمازلت تعاني من الأرق؟.
بالطبع لا..
اجابني مسروراً
فحبك علمني ان اتصارع مع الارق..
والحب اقوى من الأرق..
فشكراً لكِ
حبيبتي.
بيداء كريم
25/11/2009
ها هو قد جاء كعادته متأخراً في الساعة العاشرة والنصف صباحاً .. يتمايل في مشيته، متثاقلاً في خطواته..منتفخ العينين يشكو من طول سهره وقلة نومه.. إلا انه يحاول ان يغرق في عالمه الوحيد القراءة عالم مليء بالغرائب والعجائب.. والحكم والمشورات.
إنه يفكر .. دقت الساعة الثالثة صباحاً يحاول ان يشرح لي وضعه ليلاً وكيف يمضيه..إنهُ يشرح لي أدق التفاصيل .
صباح الخير.. صباح الخير
كيف الحال.. ألم تنم مطلقاً كعادتك ؟
بالطبع لا.. أنتِ تعرفين جيداً أولم أشرح لك ذلك البارحة.
أم تودين أن اعيد عليك برنامجي الليلي الممل والممتع في ذات الوقت.
كلا، اسفة
ولكنني قلقة عليك..
قطع حديثه.. واتجه صوب المطبخ ليصُب الشاي كعادته.. او ليطلب من الحاجة"ام محمد " ان تصب لهُ الشاي..إنني انتظر مازلتُ انتظر
لم ابرح مكاني.. لعله يريدُ ان يزيد في شرحهِ.. وانا بين الخوف والخجل.
الخوف من رب العمل لئلا يجدني اقفُ كالمسمار في خشب.. وخجلي من ان يهملني هو .. ويمر مر الكرام ويجلس في ركنه البعيد..
مدققاً في عمله.. متناسياً مايدور حوله.
قلبي يتسارع في دقاته.. اشعر ان جميع من حولي يعرفون حقيقة ما اشعر به وما احسُ به تجاه ذلك الرجل المتكبر..
تفضل ايها العزيز.. شايك
قالتها"ام محمد ".
شكراً لك .. يا امي العزيزة
بارك الله فيك. واسعدك في ايامك يابني..
اخذت بثول الشاي تتحرك بصورة دائرية متناثرة معها السكر بصورة عشوائية وكأن زوبعة صحراوية يحتويها قدح الشاي.. آكلة معها كل ما تجدهُ في طريقها.. وقلبي قريب ويدق بسرعة كبيرة..
أشعل سيكارة وأخذ قدحهُ الثاني..
ليجلس في مكانه متصفحاً تلك الجرائد.. ليقلب صفحاتها.. يفعل ذلك عبثاً ليغيظ قلبي المنتظر..
إنني مازلت انتظر..!
سيكلمني سيحاول ان يبدأ اشعال فتيل الحديث بيني وبينه.
انه يفكر فيّ قطعاً.. إلا انه يتجاهلني
اخذ نفساً عميقاً من دخان سيكارته
وأطلقه بكل حسرة في الهواء
إنهُ مثقلٌ بالهموم.. ضحكات مصطنعة .. ممزوجة بالألم
لااستطيع فهم ذلك الرجل.
هذه طقوس وممارسات يومية يؤديها قبل عمله..
بتُ أتذمر من الانتظار..
والتبجح بحجج وهمية.. كأن عملي في هذه الغرفة وليس في الاخرى..
أدير وجهي هنا وهناك لئلا تفضحني ملامحي التي ترسمها دقات قلبي المضطربة..
كيف اجد السبيل الى قلبهِ واعرف ما الذي يفكر فيه؟
أصبحتُ اجيد افتعال الكذب.
جمانة .. ماذا تفعلين عندكِ؟
أرتبكت كثيراً.. بقيتُ أتمتم بوضوح
خجلاً وفزعاً .. فقد فاجأني بالسؤال والاستفسار..
في الحقيقة ياحسن إنني أبحث هنا عن أوراق مفقودة ترجع لأحد الكتاب.. وانا اجهل مكانها .. الا انه لم يبال .. إنهُ غارق في قراءة الجريدة.. ورمادُ السيكارة .. بدأ أكثر طولاً.
حاولت أنا بدء الحديث معه متذرعة بحجج واهية ..
صحيح.. لم تكمل لي معركتك مع الأرق.
من الرابح.. ومن الخسران..
أية معركة؟
سألني بتجاهل.. وتقاطيع وجهه لاتدلُ على تقبل بدء الحديث..
رجعتُ خطوتين الى الوراء.. وحاولتُ ان أنسيه السؤال .. رحتُ أبحثُ مجدداً بين تلك الأوراق والأكوام عن أوراقي المفقودة.. بيدين مرتجفتين وساقين لايقويان على حملي..
إنهُ يُظهر تكاسله بوضوح..
مع ذلك يقفُ للحظةٍ .. ثم يسيرُ باستقامة معهودة..
إنهُ دائم التفكير ..
كيف اجعلهُ يدير تلك الطاولة نحوي..لأجعل دفة المسير بيدي..
وأرحل بعيداً أنا وهو في وسط البحر أغرقهُ في بحر حناني.. واشتياقي لضمهِ يومياً كضم طفل لوالدته الحنون.
إنهُ لايحسُ بي بتاتاً.. مشغول دوماً بعمله وشايه وسيكارته الواحدة تلو الاخرى.
والدخان المتصاعد الذي يلفُ ارجاء الغرفة ليخترق أنفي ويخنقني بالدخان والحسرة.
إنني فعلاً أحبهُ..
لكنهُ لايكترث أبداً..!
مر الوقت بسرعة كبيرة.. باتت لي نهاية الدوام نهاية العمر..
كيف سأنتظر.. وأصبر نفسي لقضاء الليلة والاستعداد للقائه غداً..
إنهُ سيسلم نفسه بسهولة مرة اخرى لتلك الظلمة وما تحمله من أوجاع وتفكير طويل..
إنني أشعر ببرد شديد فتحتُ الستارة.. وإذا بقطرات المطر على زجاج النافذة..
إنهُ المطر ينهمر بغزارة والساعة الآن الثامنة مساءً..
بدأ الزملاء يتراكضون للذهاب الى منازلهم..
وأنا في حيرة من أمري.. كيف سأنصرف وأذهب الى المنزل في هذا الوقت المحرج.. وذلك الجو الرديء؟
أأطلب منهُ ان يوصلني؟
ربما يرفض.. او يتردد. او يعتذر.. لاأعرف.
وحيائي يمنعني..
لكن الموقف أحرجني.. وقبضني من معصمي.
لابد من الاستسلام للقدر..
اقنعتُ نفسي بقولي.. ربما القدر قد فعل فعلتهُ معي..
وهو الآن على موعد معه ومعي لكي نتقابل ونجد اكثر مساحة من الوقت لنتكلم ونتحادث سوياً بعيداً
عن أعين الرقباء.
ربما يكترث لي خارج العمل..
وربما ينظر إليّ .. نظرة ملؤها الأمل بدأت خطواتي بالتردد
تتقدم خطوة..وتتراجع خطوات..
عقارب الساعة تتسارع في الدوران.. وهو يهيء نفسه للخروج والذهاب الى المنزل حتى إنهُ لم يكلف نفسه ليسألني كيف سأذهب؟
لايهمهُ الامر..
خرجتُ من غرفتي.. وكلي أضطراب
نزلتُ برفق وببطء من الطابق العلوي..
وبينما انزلُ برفق أسمعُ صوت المفاتيح..
إنها مفاتيحهُ.. سوف يُعجل بالذهاب
لابدّ من اللجوء اليه.. وطلب المساعدة.
شجعتُ نفسي.. وذهبتُ إليه مستنجدة..
آه.. عفواً.. أخ حسن.
نعم تفضلي ياجمانة ماذا تريدين ؟
وكأنه يتجاهل ان الطقس سيء
وكأن الجو مشرق.. والشمس ماتزال لم تبرح سماءها.
إنهُ لايُتعب نفسه..
في الحقيقة انا محرجة.. واريد ان اطلب منك خدمة صغيرة؟
بكل سرور.. تفضلي
أجابني ببرود
إلا ان حدقات عينيه كان يشوبهما القلق..
إنهُ هاجس في نفسي اكيد
لأنه لايكترث .. مستحيل
أنا في مأزق، فمنزلي بعيد ويصعب عليّ الرجوع اليه في هذه الساعة.. وهذا الجو الممطر..
فالخوف يعتريني من تلك الظلمة.
في الوهلة الاولى نظرّ إليّ نظرة تعجب واستغراب!
إلا انه سارع نفسه.. وقال لي.. بكل تأكيد..
هيا جهزي نفسك ياجمانة
لم اصدق.. فسارعت في حمل أغراضي..
خرجنا سوية.. متعثرة في خطواتي
وهو متثاقل.. ومتكبر في مشيته
إنهُ يحبني اكيد.. وإلا لماذا وافق على طلبي؟
هواجس تراودني وعبارات يخترعها العقل الباطن
فتحتُ باب السيارة.. وأنا كلي رعشة.. وصعدتُ بينما احدث نفسي واشجعها على المقاومة أمامه.
فأنا احبه.. ولا اقاوم الجلوس بالقرب منه
فتح باب السيارة.. ودخل
أدخل المفتاح في مكانه..
وأدار المحرك.
أكاد اسمع دقات قلبي
ترتجف وتتسارع..
اخشى ان يسمعها وينفضح امري
لااريد ان ابدي نقطة ضعفي
بدأنا المسير في السيارة
ماذا تحبين سماعه في هذه اللحظة؟
سألني
الموسيقى الهادئة
آه.. ذوقك جميل.. لم اتصورك كذلك
وهل كنت تشك في ذوقي
بصراحة.. نعم.
فأنت في برعم شبابك
والبراعم تبحث عن الطرب
لا عن الاستماع والتذوق والغرق.. فالموسيقى غرق!
والذين يناهزون الأربعين من العمر مثلي
يحبون الغرق..
اوشكنا على الوصول
شكراً على توصيلتك لي..
على الرحب والسعة
مع السلامة
مع السلامة
تكرر القدر اكثر من مرة
اصبح لزاماً عليه ان يوصلني الى منزلي
باتت مناقشاتنا جميلة وتدور بشأن كل شيء
حربٌ وسياسة.. وحب ورومانسية
وذات مرة.. قال لي
هيا ياجمانة هل انتِ جاهزة للذهاب والعودة الى المنزل
بالطبع
قلتها باستغراب.. واستدركتُ دهشتي فسألته
قل لي ياحسن..كيف حالك أمازلت تعاني من الأرق؟.
بالطبع لا..
اجابني مسروراً
فحبك علمني ان اتصارع مع الارق..
والحب اقوى من الأرق..
فشكراً لكِ
حبيبتي.